سورة البقرة - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (البقرة)


        


{واتقوا يوماً} واحذروا واجتنبوا عقاب يومٍ {لا تجزي} لا تقضي ولا تُغني {نفسٌ عن نفس شيئاً ولا يقبل منها شفاعة} أَيْ: لا يكون شفاعةٌ فيكون لها قبول، وذلك أنَّ اليهود كانوا يقولون: يشفع لنا آباؤنا الأنبياء، فآيسهم الله تعالى عن ذلك {ولا يؤخذ منها عدل} فِداءٌ {ولا هم ينصرون} يُمنعون من عذاب الله تعالى.
{وإذ نجيناكم} واذكروا ذلك {من آل فرعون} أتباعه ومَنْ كان على دينه {يسومونكم}: يُكلِّفونكم {سوء العذاب} شديد العذاب، وهو قوله تعالى: {يذبحون}: يُقتِّلون {أبناءكم ويستحيون نساءكم} يستبقونهنَّ أحياءً لقول بعض الكهنة له: إنَّ مولوداً يُولد في بني إسرائيل يكون سبباً له ذهابُ ملكك. {وفي ذلكم} الذي كانوا يفعلونه بكم {بلاءٌ}: ابتلاءٌ واختبارٌ وامتحانٌ {من ربكم عظيم} وقيل: وفي تنجيتكم من هذه المحن نعمةٌ عظيمة، والبلاء: النِّعمة، والبلاء: الشِّدَّة.
{وإذ فرقنا بكم البحر} فجعلناه اثني عشر طريقاً حتى خاض فيه بنو إسرائيل. {فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون} إلى انطباق البحر عليهم وإنجائكم منهم.


{وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة} أَي: انقضاءَها وتمامَها للتَّكلُّم معه {ثمَّ اتخذتم العجل} معبوداً وآلهاً {من بعده} من بعد خروجه عنكم للميقات {وأنتم ظالمون} واضعون العبادةَ في غير موضعها، وهذا تنبيه على أنَّ كفرهم بمحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ليس بأعجب من كفرهم وعبادتهم العجل في زمن موسى عليه السَّلام.
{ثمَّ عفونا} محونا ذنوبكم {عنكم من بعد ذلك} من بعد عبادة العجل {لعلكم تشكرون} لكي تشكروا نعمتي بالعفو.
{وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان} عطف تفسيري يعني: التَّوراة الفارق بين الحق والباطل والحلال والحرام {لعلكم تهتدون} لكي تهتدوا بذلك الكتاب من الضلال.
{وإذ قال موسى لقومه} الذين عبدوا العجل {يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل} إلهاً {فتوبوا إلى بارئكم} يعني: خالقكم. قالوا: كيف نتوب؟ قال: {فاقتلوا أنفسكم} أَيْ: ليقتلِ البريءُ منكم المجرمَ {ذلكم} أَي: التَّوبة {خيرٌ لكم عند بارئكم} من إقامتكم على عبادة العجل، ثم فعلتم ما أُمرتم به {فتاب عليكم} : قبل توبتكم. {إنَّه هو التواب الرحيم}.
{وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك} يعني: الذين اختارهم موسى عليه السَّلام ليعتذروا إلى الله سبحانه من عبادة العجل، فلمَّا سمعوا كلام الله تعالى، وفرغ موسى من مناجاة الله عزَّ وجلَّ قالوا له: {لن نؤمن لك} لن نصدِّقك {حتى نرى الله جهرةً} أَيْ: عِياناً لا يستره عنا شيءٌ {فأخذتكم الصاعقة} وهي نارٌ جاءت من السَّماء فأحرقتهم جميعاً {وأنتم تنظرون} إليها حين نزلت، وإنَّما أخذتهم الصَّاعقة؛ لأنَّهم امتنعوا من الإِيمان بموسى عليه السَّلام بعد ظهور معجزته حتى يُريهم ربَّهم جهرةً، والإيمانُ بالأنبياء واجبٌ بعد ظهور معجزتهم، ولا يجوز اقتراح المعجزات عليه، فلهذا عاقبهم الله تعالى، وهذه الآية توبيخٌ لهم على مخالفة الرَّسول صلى الله عليه وسلم مع قيام معجزته، كما خالف أسلافهم موسى مع ما أَتى به من الآيات الباهرة.
{ثم بعثناكم} نشرناكم وأَعدْناكم أَحياءً {من بعد موتكم لعلكم تشكرون} نعمة البعث.


{وظللنا عليكم الغمام} سترناكم عن الشَّمس في التِّيه بالسَّحاب الرَّقيق {وأنزلنا عليكم المنَّ} الطُّرَنْجبين كان يقع على أشجارهم بالأسحار {والسَّلوى} وهي طير أمثال السُّمانى، وقلنا لهم: {كلوا من طيبات} من حلالات {ما رزقناكم وما ظلمونا} بإبائهم على موسى عليه السَّلام دخول قرية الجبَّارين، ولكنَّهم ظلموا أنفسهم حين تركوا أمرنا فحبسناهم في التِّيه، فلمَّا انقضت مدَّة حبسهم وخرجوا من التِّيه قال الله تعالى لهم: {ادخلوا هذه القرية} وهي أريحا {وادخلوا الباب} يعني: باباً من أبوابها {سجداً} منحنين متواضعين {وقولوا حطة} وذلك أنَّهم أصابوا خطيئةً بإبائهم على موسى عليه السَّلام دخول القرية، فأراد الله تعالى أَنْ يغفرها لهم فقال لهم: قولوا حطَّةٌ، أَيْ: مسألتنا حطَّةٌ، وهو أن تحط عنا ذنوبنا، {وسنزيد المحسنين} الذين لم يكونوا من أهل تلك الخطيئة إحساناً وثواباً.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8